ان براعة الانسان في التطور و الازدهار قد بدت خلال الاعوام السابقة بشكل يثير الجدل ، حيث ان معظم التطورات الحاصلة خلال هذه الفترة كانت قفزة نوعية ، الكل يعلم جيدا ان العالم الآن يعيش تطورات كثيرة في مجالات عديدة و خصوصا الصناعة ، و الكل يعلم ايضا ان بداية البشر كانت من ادم عليه السلام اي قبل الاف السنين ، و يبقى السؤال المحير هو هل حقا اخذت التطورات الحديثة كل هذه السنين لنراها كما نراها الآن ؟ ان الغبي هو فقط من سيظن انها بالفعل كذالك ، هل حقا صدق الانسان ان النار اول شيء اكتشفها الانسان ؟ هل حقا صدقنا ان الاف الاجيال منذ بداية البشر الى الان ادت الى ما نراه الآن من تطور ؟ ، ولكن وبدون بصيرة لا يمكن لقلوبنا ان تعقل عندمى نرى و نسمع عن حضارات قديمة مثل الحضارة البابلية و المصرية القديمة و الاغريقية و العديد من الحضارات الاخرى وما شيدته خلال فترات ازدهارها ولم نربط كل هذا بما درسناه منذ الصغر ، فهل حقا كانت التكنولوجيا تنسب فقط لاواخر القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين ام ان كل هذا عجز في فهم الالفية المحذوفة من التاريخ القديم .
نظرة عامة :
إن الحجم الهائل والتعقيد الكبير للهياكل التاريخية مثل القصور والمعابد والآثار يمكن أن يتركنا في حالة من الرهبة من الهندسة والمآثر المعمارية والتكنولوجيا القديمة لأسلافنا. ومع ذلك، على الرغم من أن هذه الهياكل مثيرة للإعجاب، إلا أنها تترك لنا أيضًا العديد من الأسئلة حول كيفية بنائها. على الرغم من التكنولوجيا الحديثة لدينا، فإن العديد من التقنيات التي استخدمها أسلافنا القدماء لا تزال لغزا بالنسبة لنا .
في الاسلحة و البنايات في البر و البحر ، في الجو ايضا قادت العديد من التساؤلات الكثير من علماء و باحثين كبار الى البحث العميق في التاريخ القديم ، التاريخ الذي ظل لغزا قبل ان ينشره القرآن الكريم و على لسان الله تعالى في العديد من سطور غير مفهومة لمن احاطه الظلام ، قال تعالى في سورة التوبة كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً .. وقال تعالى في سورة الحجر وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ... و الكثير و الكثير من الآيات التي تظهر تطور الامم السابقة بل انها اكثر تطورا منا ، ولندرس هذا التطور لن نعتمد فقط على القرآن الكريم بل سنبحر حول الارض ونسافر عبر الزمان لنرى عجائب الدنيا في العصور القديمة .
تكنولوجيا العصور القديمة كما لم تراها من قبل :
وبالتكلم عن مهد الحضارة القديمة و التكنولوجيا المتطورة فلا يمكن ابدا ان نبدأ موضوعنا بدون التطرق الى اول حضارة بعد الطوفان العظيم وهي بلاد ما بين النهرين ، بصمت هذه الحضارة في التاريخ القديم بصمة ان تمحى ابدا وحتى الآن لا تزال بصمتها موجودة سواءا المعمارية وحتى الفكرية و الثقافية و التكنولوجية ، ادت هذه الحضارة الى انبثاق العديدة من التطورات وخصوصا وان الارض كانت لا تزال تعاني من اثار الطوفان العظيم الذي ادى الى تدمير جميع المعارف القديمة وبداية زمن جديد ، اظهرت الدراسات الحديثة ان البابليون اول من استخدموا مبادئ هندسية معقدة جدا ، وتشير الأبحاث إلى أن البابليين القدماء استخدموا الحسابات الهندسية لتتبع كوكب المشترى في السماء ليلا ، وليس هذا فقط بل براعة البابليين في علم الفلك كانت مثالية جدا ، وما كان يظنه اغلب الباحثين عن عصر قديم بدائي اصبح الآن اكثر تطورا من تطورنا هذا ، وبدون الغوص في تكنولوجيا البابليين التي لا تعد شيئا امام حضاراة ما قبل الطوفان فلم تكن بابل وحدها من اظهرت حقيقة التاريخ القديم.
كأس بتقنية النانو:
الرومان وفنون لم تخطر على بال انسان ، اظهر الرومان تكنولوجيا غريبة اطلق عليها تقنية النانو استخدمت في الديكورات الجذابة وابرزها كأس غريبة تسمى كأس ليكورجوس تظهر ككأس عادية ولكن العنصر الذي يميز هذا الكأس هو تأثير الضوء عليه. إذا أضاء الكأس من الأمام فهو أخضر اللون، ولكن عندما أضاء من الخلف فإنه يتوهج باللون الأحمر الدموي. في الوقت الذي كان فيه العلماء في حيرة من أمرهم إزاء هذه الميزة المذهلة، لم يتمكنوا من معرفة كيف تمكن الرومان من إدارتها ، ظهرت الإجابة أخيرا إلى النور في عام 1990. فقد قام باحثون في إنجلترا بفحص شظايا الزجاج المكسورة تحت المجهر واكتشفوا أن الحرفي الروماني الذي صنع الكأس كان رائدا في مجال تكنولوجيا النانو. تمت إضافة جزيئات صغيرة جدًا من الفضة والذهب إلى الزجاج، وهي جزيئات صغيرة جدًا لدرجة أن قطرها لا يتجاوز 50 نانومتر. وهذا يعني أن حجم هذه العناصر كان أقل من جزء من الألف من حجم حبة ملح الطعام ، فهل لا يزال الانسان يظن ان التكونولوجيا لم تكن وليدة العصر القديم ؟
اهرامات مصر مولدات الطاقة الامحدودة :
واذا ما بحثت في خبايا الكون لانشاء دليل قاطع على وجود تكنولوجيا قديمة فان افضل مكان تبحث فيه هو الحضارة المصرية . تعد الحضارة المصرية اعقد حضارة في التاريخ لا من ناحية بناياتها العظيمة ولا من ناحية تصميمها المذهل الذي اذا اعيد بنائه فان العين ستذهل بما تراه ، واذا بحثت عن تكنولوجيا الحضارة المصرية فان اول شيء ستذهل بمعرفته هو ان الاهرامات المصريه هي اعظم دليل على وجود تكنولوجيا قديمة ، وبالطبع ان غرض انشاء الاهرامات ليس كما نقل لنا على انه مقابر فرعونية ، لا بل ان الاهرامات العظيمة مولدات للطاقة والتي لم يسبق لها مثيل ابدا ، طاقة عظيمة غير محدودة ابدا ، وكما سبق وتطرقنا لهاذا الامر في حلقة خاصة .
سلاح الحرب : ارخميدس وسلاحد الدمار الشامل :
لم تكن البنايات العظيمة و القصور دليل التكنولوجيا القديمة بل ان التكنولوجيا احاطت ايضا بالاسلحة و في الطب و العديد من المجالات الاخرى ، أسلحة أرخميدس إن العدسة الضخمة التي يمكنها تدمير السفن من خلال توجيه وتركيز أشعة الشمس تبدو وكأنها شيء من فيلم جيمس بوند . لكن قبل آلاف السنين من ظهور غوستا جريفز وسلاحه المداري للدمار الشامل، يبدو أن عالم الرياضيات والمخترع اليوناني أرخميدس قام ببناء مثل هذا الجهاز، لكن هذه المرة كان حقيقيًا ، ولم يكن هذا هو سلاح الحرب الوحيد الذي صنعه أرخميدس أيضًا. بقيت السجلات على قيد الحياة لمخلب عظيم قادر على رفع السفن بالكامل من الماء، بالإضافة إلى أبراج الحصار والمقاليع الدفاعية. ولكن مهما حاولنا، فإن العلم الحديث لم يتمكن من إعادة اكتشاف كيف فعل هذا العالم الموسوعي العظيم ذلك . واحد اهم الالغاز القديمة في ابتكار اسلحة دمار هائل هي ما يعرف بالنار اليونانية وهو سلاح سري يستخدم وصفة سرية لإطلاق مواد نارية على سفن العدو. لم يتم إخماد النيران بمياه البحر، بل كانت تغطي كل ما تلمسه، وتحرقه وتتحول إلى رماد. كما تم ضغط المادة الغريبة للخدمة خلال الحروب الصليبية في أواني فخارية، والتي كانت في الواقع قنابل يدوية مبكرة ولفهم مدى تقدم التكنولوجيا في هذا الوقت فان المحاولات الحديثة لإعادة اكتشاف سر النار اليونانية لقت نجاحًا محدودًا للغاية. ويبدو أن سر هذا السلاح المدمر القائم على اللهب قد مات مع الإمبراطورية البيزنطية عام 1453.
الطيران في العصور القديمة جدا :
هل تعتقد ان الطيران شيء حديث اذا كنت تعتقد ذالك فيجب عليك اعادة النظر مرة اخرى ، رغم انها تعتبر اسطورة الا ان ما وصف بانها اسطورية كان يود ان يجعل العلم الحديث يقوم على الصدف و الخرافات ، إذا كانت مجرد أساطير، فلماذا كان أولئك الذين وصفوها على حق إلى هذا الحد ، هل تعتبر الصدفة صديق العلم في كل شيء لا بالطبع اذا فان ڤيمانا حقيقة لا خيال فيها ، تبدو غير قابلة للتصديق على الإطلاق، تم العثور عليها في النصوص الهندوسية القديمة حيث يشار إليها باسم " فيمانا ".
تم تصويرها أحيانًا على أنها مركبات طائرة، وفي أحيان أخرى على شكل بجع يحمل هياكل دقيقة تشبه الباغودا، وقد احتوت هذه المركبات على عدد كبير من التكنولوجيا التي تبدو حتى اليوم مستقبلية. كانت أسلحة الطاقة والقنابل النووية والسرعات الهائلة كلها ممكنة في هذه الآلات الطائرة .
الطب : حقيقة السليفوم الغريبة :
وفي مجال الطب من منا لا يبحث على دواء يعالج اشياء كثيرة السيليفوم معجزة في زمن المعجزات ، يمكن أن يفعل أي شيء تقريبًا. يشتهر هذا الدواء في المقام الأول بأنه مانع للحمل ومثير للشهوة الجنسية (ويا له من مزيج!)، ويمكنه أيضًا علاج أي عدد من الأمراض الأخرى.
كان الرومان يستخدمونه كعطر، ويتبلون به طعامهم بسبب مذاقه اللذيذ، ويكتبون عنه أغانٍ، وقدّروه تقديرًا عاليًا لدرجة أنهم اعتقدوا أنه هدية من أبولو. كانت مدينة قورينا الرومانية، في شمال إفريقيا، تعتمد بشكل كامل على السيلفيوم في اقتصادها، حتى أنها صورته على عملاتها المعدنية.
ومن هذا الأوصاف وغيره نعلم أن السيلفيوم كان نباتًا من نوع ما، وكان الراتنج هو المهم. ومن المؤسف أن هوية النبات لا تزال لغزا، إذ يبدو أن الرومان في رغبتهم فيه حصدوه حتى انقراضه ،مهما كان السيلفيوم، فقد اختفى الآن.
الصناعات القديمة لم تسلم من التكنولوجيا الغريبة :
وفي الصناعة هل تصدق على ان الزجاج المرن اكتشاف هذا العصر لا انه اكتشاف قديم جدا اطلق عليه الرومان اسم "vitrum flexile" وقد تم تقديم وعاء من هذا الزجاج الى الإمبراطور تيبيريوس ، قام مخترعها بإنتاج مطرقة المجوهرات التي استخدمها لإعادة الوعاء بسرعة إلى شكله، مما أثار دهشة المحكمة.
ومع ذلك، لم يعجب تيبيريوس، وكان يخشى أن يؤدي الاختراع إلى زعزعة النظام الاجتماعي الحالي (الذي كان رأسه) من خلال احتمالية خفض قيمة الذهب والفضة، مصدر ثروته وبالتالي سلطته. وبعد التأكد من أن المخترع هو الرجل الوحيد الذي يعرف سر الزجاج المرن، قام تيبيريوس بإعدامه على الفور.
القدماء كانوا بالفعل متطورون لدرجة نجهلها :
فهل حقا كانت الحضارات القديمة تعيش عصورا بدائية ، هل حقا كان الانسان بدائية ثم فجأة في القرن التاسع عشر وبعد الاف السنين اصبح لدينا طائرات ودبابات و تكنولوجيا لا هذا لم يكن ابدا بل ان العلوم كلها انتقلت بالوراثة حضارة بعد حضارة حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه الآن ، رغم ان القرن التاسع عشر عرف بما اسميته علنا شيطنة الاختراعات الحديثة الا انها ضمن التطورات البشرية الحالية ، لكنها بالطبع لا تقوم على البراءة في الاختراع بل كلها تقوم على الاقل بعنصر او عنصرين او اكثر من اختراعات الماضي ، وتعتبر الحضارة المصرية القديمة احد ابرز الدلائل على التكنولوجيا القديمة يقول المؤلف ومقدم البرنامج الوثائقي الشهير " سر أبو الهول" ، جون أنتوني ويست:
كانت العلوم والطب والرياضيات وعلم الفلك المصري جميعها على مستوى أعلى من الصقل والتطور بشكل كبير مما يعترف به العلماء المعاصرون. لقد كانت الحضارة المصرية بأكملها مبنية على فهم كامل ودقيق للقوانين العالمية. وقد تجلى هذا الفهم العميق في نظام متسق ومتماسك ومترابط دمج العلم والفن والدين في وحدة عضوية واحدة. بمعنى آخر، كان عكس ما نجده في العالم اليوم تمامًا ، وهذا اعتراف كبير ودليل على ان ما اخبر به القرآن الكريم ان الحضارات القديمة هي مهد التكنولوجيا و العلم و التقدم في كل شيء ، اذا كانت الحضارات الحديثة بعد الطوفان سبب تطورنا الان فما هو السبب وراء تطور التكنولوجيا عند حضارات ما بعد الطوفان ، هنا يجب ان نقف مذهولين لنعرف ان حضارات ما قبل الطوفان العظيم كانت اكثر تطورا من حضاراتنا الآن وحضارات ما قبلنا ، هل حقا تجد هذا غريبا اذا دعني اعود بك الى الوراء قليلا ...
ادريس عليه السلام مستخدم للمعارف القديمة :
نبي الله ادريس معجزة تمشي فوق الارض ، ذكر العلماء ان ادريس عليه السلام بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه الى شيث عليه السلام تعلم 72 لغة فكان أول من أدرك أهمية اللغات بل وتعلمها جميعا، ما مكنه من الإدراك المتراكم للعلوم منذ جده الأكبر سيدنا آدم ، واكتشف سيدنا إدريس لأول مرة العلاقة الهندسية بين الأرقام والكلمات، وكان أول خياط ومصمم أزياء وعلم الناس الزراعة، والخط واللغات والعلوم وبقية القوانين الحاكمة للهندسة والطب، فاستحق أن يكون المعلم الأول للبشرية من ناحية التدريس والتعليم ، وكان شيث ايضا من احد اهم العلماء في البناء و التشييد وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار، وبنى المدائن والحصون الكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى وأنه قهر إبليس وجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها وأنه قتل خلقاً من مردة الجن والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعين سنة ، ولا ننسى العالم الاعظم و معلم العلوم كلها و الذي تعلم على يد الله عز وجل اول انسان خلقه الله تعالى وهو ادم عليه السلام ، الكثير منا يظن ان ادم ابو البشر كان غير عالم وانه نبذ الى الارض بعد ان عصى الله وتركه الله في الارض بدون ان يعرف كيف يعيش فيها ، لكن هذا المعتقد الخاطئ ادى الى مشاكل كبيرة في الدين الاسلامي ، ان ادم عليه السلام علمه الله تعالى كل شيء لانه ابو البشر على يديه سوف يتعلم من بعده هو الذي سينقل العلوم و المعارف الى الانسان و هو سبب تطور الحضارات بعد موته عليه السلام ، وسوف نظهر هذا في حلقة خاصة باذن الله تعالى وبركاته ، و الآن وبعد ان شهدنا بعض الاشياء البسيطة من براعات الانسان و تكنولوجيا العصور القديمة ، سوف تسقط اي فرضية بنية على ما يسمى بالتطور ، ورجال الكهوف والغابات ، لن تصدق بعد الان ان الانسان كان غير متطور وانه كان يشبه الحيوانات ، لا كل هذه خزعبلات و ترهات لا تمت للواقع بصلة كل هذا لكي يصبح قلبك مغطى بالظلام ، ان العالم لا يريد منك ان تكون عارفا لحقيقة يحاربون العلماء لكي لا يعرفون ، غالبا ما كانت الحضارات القديمة تحتكر علومها ولا تخرجها ، لا يحبون المنافسة وهذا امر طبيعي بسبب طبيعة الانسان .
لقد فقدنا الكثير خلال آلاف السنين من الحضارة الإنسانية. لقد قامت الإمبراطوريات العظيمة لغزو العالم المعروف، لكنها سقطت وبالكاد تركت أي أثر. إن الكثير مما حققناه وما اكتشفناه وما فعلناه قد تغير بمرور الوقت وفقد إلى الأبد.
وهذا يعني أن ما يبقى في بعض الأحيان يكون محيرًا أكثر منه تنويريًا، وستشير النصوص القديمة أحيانًا إلى العادات والسياسات والأشخاص والاختراعات التي على الرغم من أنها مألوفة بوضوح للكاتب الأصلي وجمهوره إلا أنها تحيرنا. في حين أن العصر الحديث يمكن أن يملأ العديد من الفجوات، ويمكننا في بعض الأحيان تخمين ما هو المقصود، فإن بعض هذه الغرابة من ماضينا ستظل لغزا إلى الأبد.